:: للَّه الأَمــــــــــر من قبلُ وَ من بَعــد …::



لله الامر من قبل ومن بعد ,

قال الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران:

{وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم وجنّة عرضها السّموات والأرض أعدّت للمتّقين (133)}.

وقال سبحانه في سورة الحديد:

{سابقوا إلى مغفرة من ربّكم وجنّة عرضها كعرض السّماء والأرض أعدّت للّذين آمنوا باللّه ورسله
ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم (21)}.

والناظر في الآيتين يلحظ الفرق بينهما:

ففي الآية الأولى قال سبحانه: {وسارعوا} وفي الثانية قال: {سابقوا}.

وفي الآية الأولى قال سبحانه: {وجنّة عرضها السّموات والأرض}

وفي الثانية قال: {وجنّة عرضها كعرض السّماء والأرض}.

وفي الآية الأولى قال سبحانه: {أعدّت للمتّقين} وفي الثانية قال:{أعدّت للّذين آمنوا باللّه ورسله}.

هذا الفرق بين الآيتين اقتضاه السياق الذي وردتا فيه ذلك أن الآية الأولى تتعلّق بالمتقين وأما الآية الثانية فتتعلّق بالمؤمنين. ولما كانت التقوى وهي نتاج الإيمان أعظم درجاته وأرقى رتبه كانت أفضل من مجرّد الإيمان لأنّها تتضمّنه وزيادة وكان التقّي أفضل من المؤمن العادي. وقد بيّن الله واقع المتّقين الذين أعدّت لهم جنة عرضها السماوات والأرض فقال:
{الّذين ينفقون في السّرّاء والضّرّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن النّاس واللّه يحبّ المحسنين (134)
والّذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا اللّه فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذّنوب إلاّ اللّه ولم يصرّوا على
ما فعلوا وهم يعلمون (135)}. (آل عمران).

وإذا كانت التقوى أعلى رتبة من مجرد الإيمان فقد لزم إذن التفرقة بين المتّقين وبين المؤمنين.
وتتجلّى هذه التفرقة في الآيتين في موضعين:
الأول في الخطاب والثاني في الثواب.

أمّا الخطاب فقد خاطب الله تعالى المتّقين بدعوتهم إلى المسارعة (وسارعوا) بينما خاطب المؤمنين بدعوتهم إلى المسابقة (وسابقوا). والفرق بينهما هو: أن المتّقين في تنافس وسباق لذلك لم يحثّهم عليه لحصوله منهم إنما حثّهم

على مزيد منه وحضّهم على الأحسن منه فحسن هنا أن يخاطبهم بالمسارعة. وعلى خلاف ذلك فإنّ المؤمنين لم يحصل
منهم التقدّم في الرتبة والارتفاع بالمكانة لذلك حثّهم على السباق ابتداء فإذا حصل منهم شملهم الخطاب الداعي إلى الإسراع.

أمّا الثواب فقد اختلف باختلاف الرتب. ففي الآية الأولى حينما خاطب الله سبحانه المتّقين قال:
{وجنّة عرضها السّموات والأرض}
وفي الآية الثانية حينما خاطب المؤمنين بعامة قال: {وجنّة عرضها كعرض السّماء والأرض}. والفرق بينهما يكمن في
كون الآية الأولى المتعلّقة بالمتّقين لم ترد بصيغة التشبيه للدلالة على أنّ هذا الثواب الموعود لا يضاهى ولا يماثل
ولا يشابه. علاوة على هذا ففي الآية الأولى (عرضها السّموات) وفي الثانية (عرضها كعرض السّماء)
وهذا يتضمّن الفرق بين الجنّتين من حيث السعة.

والحكمة في هذا والله أعلم تتعلّق بأمرين:

الأوّل أنّ على قدر الأعمال يكون الجزاء. فأعمال المتقين أعظم من أعمال المؤمنين لذلك كان ثوابهم أعظم.

الثاني أنّ ثواب المؤمنين حاصل لدى المتّقين بما قدّموا ولكن لما حثّهم الحقّ سبحانه وتعالى على المزيد حسن هنا

أن يعطيهم المزيد فكان الحثّ على تقديم الأفضل مقترنا بالوعد بالأفضل. والله أعلم

نـــقلاً لِلفائِدة ..

سبحان الله و الحمد لله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.