رحلتي مع الإرشاد (49)



رحلتي مع الإرشاد (49)

من مديري المدارس الذين تعرفت عليهم- لما كنت أعمل في سلك التربية والتعليم -مدير بارز في مدينة الرياض ، هذا الرجل اسمه ( فايز بن عبدا لله السويد ) كان مديرا بمعنى الكلمة تنطبق عليه الكلمة المشهورة ( السهل الممتنع ) كان محبوبا جدا عند الطلاب وعند المدرسين ، وقلما تجد مديرا محبوبا من الفئتين الطلاب والمدرسين، لما يحمله من صفات المدير الناجح إذ كان مديرا لمدرسة ثانوية بدر بالرياض ومن ثم مديرا لمدارس نجد الأهلية ، كان يتعامل مع طلابه معاملة الأب لأبنائه ، أذكر أنه حضر مرة اجتماعا انفردت به إدارة التربية والتعليم في الرياض لأول مرة في تاريخ التعليم اجتماع مدير التعليم مع أولياء أمور الطلاب في قاعة الاجتماعات في مبنى الإدارة العامة للتربية والتعليم في شارع الجامعة ،وكان مديرعام التربية والتعليم آنذاك الدكتور/ حمد بن إبراهيم السلوم –رحمه الله – فتحدث مديرعام التربيةوالتعليم كالعادة في هذا الاجتماع عن مشكلات الطلاب ، وطالب أولياء أمور الطلاب بالتعاون مع المدرسة للقضاء على هذه المشاكل أو التخفيف منها، فقام الأستاذ /فائز وقال ، لقد كفيناكم ياسعادة المدير مشكلات الطلاب فلن يأتيكم ولي أمر طالب يشتكي منا ، ما معنى ذلك ؟ معنى ذلك أن الأستاذ فائز يعا يش طلاب مدرسته ومدرسيه معايشة إنسانية ، فكل من في المدرسة أسرة واحدة متعاونة متحابة ، كنت أقول وقتها لوجد لدينا لو 10 من مديري المدارس ممن يتسمون بهذه الصفة نحن بخير ، على الرغم أن مدرسة ثانوية بدر تقع في حي شعبي في شارع عسير وسط مدينة الرياض بالقرب من قصر القرقري، كان ذلك عام 1398هـ تقريبا ، أقصد من حديثي هذا أن الجو الإنساني في المدرسة أمر ضروري لنمو التلاميذ نموا نفسيا وروحيا وجسميا واجتماعيا ، أما الإدارة الدكتاتورية والفوضوية فلا مجال لها في مجتمعنا المتحضر ، فعلا كان الأستاذ / فائز يطبق مبادئ الإدارة الديمقراطية ( التشاورية ) وكانت سمعته الطيبة هي التي دفعت بالمسئولين لاختياره ليدير مدارس كبيرة في مدينة الرياض هي مدارس نجد الأهلية ، هذا الرجل تجاوز الستين ولكن من يشاهده يعتقد أنه في الخمسين لروحه الشبابية ودماثة خلقه وأخذه الأمور ببساطه وسعة صدر كنت قد عملت معه في لجنة النظام والمراقبة لشهادة الكفاءة المتوسطة وكان يهتم إلى أبعد الحدود بالطالب وعدم هضمه حقه من الدرجات وكان يهتم بصفة خاصة بالمتفوقين إذ كنت في إحدى اللجان أقوم برصد درجات الطلاب ، وكنا نؤشر على الطلاب المتميزين حرصا منا وخوفا من انخفاض درجاتهم نتيجة خطأ أو نسيان ( وهذا حسب تعليمات الأستاذ/ فائز ) ، وذات مرة كنت أرصد درجة لأحد الطلاب المتفوقين كان حاصلا على الدرجة النهائية في كل المواد وعند ما كنت أهم برصد درجة التعبير لاحظت أن الطالب قد حصل على 20 من 35درجة فعجبت لذلك ففتحت الورقة وصرت أقرأ الموضوع وإذا بي أجد خطا جميلا وأسلوبا رائعا ولم ألاحظ أي خطأ على هذا الطالب فذهبت مسرعا بورقة الطالب للأستاذ فائز وقلت له هذا الطالب من المتفوقين ودرجته 20 وهذه سوف تضره لو رصدناها هكذا ، وكان الأستاذ فائز لايحب الروتين والبيروقراطية فقال لي : أنت معلم لغة عربية صحح الورقة من جديد ووقع عليها وارصدها ففعلت وأعطيت هذا الطالب (35) درجه وأنا والله لاأعرفه إلى اليوم وهو لايعلم بذلك ، ولكن هناك من يعلم بالسرائر ويطلع على الأمور المخفية ، ليس مدحا في نفسي ولكن إعترافا لهذا الرجل الذي ترك التعليم ولم ينل حقه من التكريم والتقدير 0
ألف الأستاذ / فائز السويد كتابين قبل تركه للتعليم هما ( خبرتي في الإدارة المدرسية ) و( الدروس الخصوصية ) هاذان الكتابان موجودان على ما أعتقد في مكتبة العبيكان في الرياض ، جمع فيهما خبرته في التعليم ، كان الأستاذ/ فائز يرسل لي دائما بعض الحالات البارزة لديه في مدرسته ليأخذ رأيي الفني في علاجها وكنت أتناقش أنا وهو فيها فيعجبني فيه حبه للإرشاد واقتناعه فيه ، ولكنه يتذمر كثيرا من بعض المرشدين الذين ليسوا على مستوى المسئولية ، أتذكر عبارة قالها لي أحد مديري المدارس المتوسطة هي ( مرشدوكم يا أستاذ إبراهيم مثل ناس جابوا لهم واحد مايعرف يسبح فرموه في بركة السباحة، وقالوا له أسبح فغرق ) أو مثل( الذي يغني بلا قصيده) كنت أستاء كثيرا عند سماع مثل هذه العبارات المحبطة لكن ماذا في يدي أن أعمل ؟طبعا كل مدير يعبر عما يعرفه عن مرشد مدرسته مع أني أقول دائما المرشدون ليسوا كلهم سوا ففيهم وفيهم مثل المعلمين أصابعك ليست سوا هذا هو الواقع 0
سأضمن هذه الرحلة ردا غريبا كان أحد الردود على ماتقدم من رحلاتي التي نشرتها في أحد المنتديات من أحد الأخوة المرشدين ممن يمارس العمل الميداني الآن يصف فيه حال بعض المشرفين الذين يتمسكون بالقشور وينسون اللباب وكأنه يترحم على ماضي الإرشاد ، ويصف واقعه المرير الآن إقرأوا معي هذا الرد :

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللهوبعد اطلعت على تلك الدرر كاملة فلله درك أبا رائد فقد امتعتنا بهذا الحديث الماتعأطال الله عمرك والبسك لباس الصحة والعافية- أما قصتي أنا فمختلفة فقد زارني الأستاذإبراهيم قبل 24 سنه وأنا متخصص بهذا المجال وأمتعني برؤاه الجميلة عن هذا الفن ولكنبعد ذهابك لم نعد نرى إلا العجاف من المشرفين منهم من يهتم فقط بالسجلات ومنهم منيريدك أن تكتب تقارير يوميه ومنهم الخ فليت أبا رائد يعود وتعود معه الأيام الجميلةدمت لنا رائدا ومسددا أصلح لك الله النية والذرية0

أترك لك أخي القاريء العزيز التعليق على ماذكره الأخ المرشد عن بعض المشرفين الذين كان يجب عليهم أن يعملوا على تطوير الإرشاد وتدريب المرشدين على اتقان المهارات الإرشادية ، لعلك بتعليقك تذكر مايفيد أو على الأقل تطلع على جانب مهم من جوانب العملية الإرشادية والله الهادي إلى سواء السبيل 0

سبحان الله و الحمد لله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.