(((الإستغفار أمان أهل الأرض)))



الإستغفار أمان أهل الأرض
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه الميامين واللعنة على أعدائهم إلى قيام يوم الدين ..
كلمتنا هذا الشهر عن الإستغـفـار .. حديث عن الأمان .. فكما لا قيمة للحياة بدون أمان كذلك لا قيمة لها بدون استغفار .
فالإستغـفار أمان أهل الأرض من كل نقمة استوجبتها أعمالهم , بحيث يمكننا أن نقول : لو أن الناس تمسكوا بهذا الأمان لما رأيت بلاء على وجه الأرض , فالأمراض والمصائب والنكبات والهموم وسوء المعـيشة وانتشار الفقر وشيوع الفتنة وموت الفجأه وحبس الأمطار وغير ذلك سببها الذنوب التي لم يعقبها استغفار , وسوف نستعرض في موضوعنا اليوم عن فوائد الإستغـفار و لماذا الإستغـفار ؟ وأيضا أسباب ترك الإستغـفار .
لماذا الاستغـفــار ؟
ماذا تقول لو سألك شخص : لماذا إذا أراد الغـواصون وأصحاب التجارب النزول في أعماق بحر يعيش فيه سمك القرش المفترس .. ينزلون في أقفاص حديدية ؟
وماذا تقول لو سألك آخر لماذا يسرع الناس إلى المستشفيات لأخذ العلاج الواقي إذا ما سمعوا بانتشار وباء خطير ومعد مثلا في مدينتهم ؟
إن الجواب البديهي والطبيعي هو أن الخوف على الحياة هو الذي دفعهم للحفاظ على أرواحهم .. وتأمين حياتهم .. فهم يبحثون عن الأمان إذ لا خير في الحياة بدون أمــان .. ولكن الأمان الأهم والأكبر هو الإستغفار لأنه يؤمن حياة الإنسان في الدنيا والآخرة , والحرص عليه والتمسك به أحرى وأولى .. فالرسول ( صلى الله عليه وآله و سلم ) قال : " عليك بالإستغـفار " , فإن لم يبادر الإنسان إلى التخلص من الذنوب بالإستغـفار فإنها تعمل على تدميره في الدنيا والآخرة فتجعل حياته الدنيوية جحيما لا تطاق من الكوارث والبلايا والمصائب وفي الآخرة يكون مصيره نزول الحميم وتصلية الجحيم .. إنا بالله عائذون .
ومن هنا نسأل أنفسنا : لم التباعد عن الإستغفار ؟ ولماذا الإستغفار ؟ لأن الذي يثير الدهشة ويبعث على القلق والخوف من طوارق الليل وحوادث النهار هو التباعد عن الإستغفار , لذا على العاقل أن يكرر دائما : لماذا أنا متباعد عن الإستغـفار ؟
فوائد الإستـغـفــار :
إن من أهم الفوائد التي يجنيها المستغفرون من الإستغفار مسألة ( الأمان من النقمة ) حيث لا خير في حياة بلا أمان , وإذا كانت النقمة من السماء فإن ذلك الإنسان قد خسر الدنيا والآخرة وذلك الخسران المبين .. فلنرى فوائد للاستغفار منها :
الاستـغـفـار يطيل الأعـمـار :
كثيرا من الناس يكشف عنهم العذاب والبلاء ويعطون الزيادة في أعمارهم وذلك بالاستغفار من ذنوبهم وفعل الطاعات في دنياهم , مثال على ذلك : قوم يونس حيث كشف الله عنهم العذاب .. وذلك بعد أن خرجوا إلى الصحراء مصطحبين أطفالهم وأغنامهم ومواشيهم حيث فرقوا بين النساء والرجال وبين الأمهات وأولادها وبين المواشي وصغارها بعد أن رأوا علامات العذاب وبكوا وندموا على ذنوبهم وعاهدوا الله على أن يكونوا مخلصين في عبادته إن كشف عنهم العذاب وأكثروا من الإستغفار , فكشف الله عنهم العذاب ومد في أعمالهم التي كادت أن تبتر وفرق الله العذاب على الجبال المحيطة بمدينتهم .. قال تعالى :" فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين " , فإيمان قوم يونس ورجوعهم إلى الله واستغفارهم من ذنوبهم كان السبب الأساسي في كشف العذاب عنهم وإطالة أعمارهم , ولقد أشار القرآن في مواضيع أخرى إلى أن الإستغفار يطيل الأعمار كقوله تعالى : " وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير " .
الإستـغـفـار يفتح باب الرزق :
وذلك في قوله تعالى على لسان نبيه نوح ( عليه السلام ) : " فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً{10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً{11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً{12} " .. والآية الكريمة تشير إلى أن إرسال السماء معلق على إتيان الاستغفار والمعنى أن تستغـفروا ربكم يرسل السماء , والمراد بالسماء السحاب وقيل الغيث , وهو شائع الاستعمال .. فإرسال السماء مدرارا إرسال سحب تمطر أمطارا متتابعة نافعة تحيي بها الأرض وينبت الزرع والعشب وتتحلى الأشجار بكثرة الثمار وترخص الأسعار وتبسط البركة جناحها على الناس فتكثر أموالهم وأرزاقهم وخيراتهم , وكل ذلك بسبب الاستغـفار .
وفوائد أخرى كثيرة غير ذلك … سوف نذكرها باختصار :
الإستـغـفـــار : يستر القبائـح .
الإستـغـفـــار : يسقط الذنـوب .
الإستـغـفـــار : ينجي من النـــار .
الإستـغـفـــار : يبدل السيئة حسنة .
الإستـغـفـــار : يكشف الهموم والبلايــا .
أسباب ترك الاستـغـفـار :
إن لترك الاستـغـفـار أسباب كثيرة .. نذكر منها :
الجهل بأهمية الاستـغـفـار ..
حينما يجهل الإنسان أهمية أخذ المناعة ضد مرض الكوليرا مثلا فإنه لا يبادر لأخذها , فجهله بأنها أمان له من السقوط فريسة لذلك المرض هو الذي جعله لا يعير أهمية لمسألة المناعة بل ولا يدير بالا للوباء المذكور ..
الاستغفار كذلك هو أمان من وباء الذنوب التي تتحول إلى نقم وبلايا فالذي يجهل أهمية الاستغفار ويجهل أنه أمان لأهل الأرض لا يدير له طرفا ولا يجد له في برامجه محلا , هذا من جانب ومن جانب آخر حينما لا يأخذ هذا الإنسان المناعة ضد الوباء المذكور لجهله بأنها أمان من الإصابة به ويصيبه الوباء ويقدم عذره لأنه لم يكن عارفا بخطورته , وأن أخذ المناعة أمر بغاية الأهمية , فهل يسامحه الوباء ويقول له أنا آسف لأنني أصبتك فحيث أنك كنت جاهلا غافلا فأنا انتقل الآن لغيرك وأتركك ؟ بالطبع لا .. إذا بالنسبة إلى الاستغفار كذلك , فكون الإنسان جاهلا بأهميته وجاهلا بكونه أمانا لأهل الأرض من كل نقمة لا يكون مبررا للإنسان إذا ما حلت عليه النقمة نتيجة ذنوبه .
الانشغال بلهو الدنيا ..
ربما لا يجهل الإنسان أهمية الاستغفار وكونه أمانا لأهل الأرض بل ربما على النقيض تماما يعلم أن سعادته في الدارين لا تتم إلا به ومع ذلك لا يستغفر بل لا يفكر في الاستغفار أساسا , وذلك لأن الدنيا شبك قلّ من يستطيع الخلاص منه .. فالنفس بطبيعتها تحب الركون إلى الراحة واللهو وديمومة الترويح , فحينما توجه عنانها نحو طاعة من طاعات الله تراها متكاسلة متراجعة يعلوها الملل , وحينما تعرض لها شيئا من أمور الدنيا وزخارفها وما يتعلق بها من أمور الفسحة والترويح تجدها نشطة سعيدة لا تجد أدنى صعوبة في تكليفها بل تجد صعوبة في منعها .. فإذا عود الإنسان نفسه على اللهو والراحة والسياحة وحتى لو كان اللهو والسياحة بأمور مباحة فإنه ومع مرور الزمان يرى أن هذه الأمور ضرورة حياتية له كضرورة النوم والأكل والشرب , ومن ثم لا يجد فراغا من وقت يستغفر فيه ربه .
الغـفلة عن قرب الرحيل ..
ومن أسباب ترك الاستـغـفـار الغفلة عن قرب الرحيل , فمعلوم بالأصل أن القيامة قريبة وما مضى من الدنيا أكثر مما بقي فيها , وذلك لقوله تعالى : " اقترب للناس حسابهم وهم في غـفلة معرضون " , فغـفلته عن قرب رحيله يجعله ينشغل عن الاستغفار وأهميته , كالطالب الذي يغفل عن قرب الامتحان فيلهو ويضيع وقته ولا يفتح عينيه إلا وقد فوجئ بساعة الامتحان فعندها يندم على عدم استعداده ومذاكرته , ولو لم يغفل عن ساعة الامتحان فعندها لربما ذاكر دروسه واستعد لامتحانه .
اليــأس ..
ومن أسباب ترك الاستـغـفـار اليأس من رحمة الله وغفرانه , وهذه الحالة يصاب بها الكثير من الذين عاقروا الكبائر ورأوا أن بينهم وبين جادة النجاة مسافة بعيدة جدا فكيف يسعهم الاستـغـفـار وترك شهواتهم , فيخسرون دنياهم وهم في الأصل على يقين من الخسارة في الآخرة .. إنهم يقولون : إذا كان لا بد من الخسارة فإن الدنيا لا يسعنا خسارتها أيضا ونحن قادرون على ربحها والتنعم بها .. ولا شك أن الخطأ إذا كان مبنيا على خطأ أصبحت النتيجة خطأ مضاعفا , فليس بين الإنسان وبين طريق الجنة مسافة مهما كثرت ذنوبه ما لم يكن مشركا أو قاتلا لمؤمن على وجه العمد .. وكما أن المسلم غير لائق به ولا يصح له أن ييأس من رحمة الله وغفرانه لأن مسألة اليأس من صفات الكافرين , قال تعالى : " ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرين " , وقال تعالى : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا " .. وكي نتخلص من اليأس علينا أن نعرف على الأقل أن الله سبحانه أرحم بعبده من الأم الحنون بوحيدها الذي لا تملك غيره .
فيــا أعـزائي ..
الدنيا بحر عـميق غرق فيه عالم كثير والإنسان في هذه الدنيا كراكب هذا البحر , فلربما تعرض لعاصفة شديدة فأغرقته أو ربما تعرض لأمواج طاغية فابتلعته أو ربما تعرض لحوت مفترس من النقمة , فهو بحاجة إلى ما يصد العاصفة الشديدة عن نفسه ويكسر الأمواج الطاغية عن قاربه ويدفع الحوت المفترس عند افتراسه , بل بحاجة إلى ما يدفع عنه أي لون من ألوان المكاره التي قد يتعرض لها في رحلته الطويلة .. ولكن ما ذلك الشيء الذي يحتاجه لدفع كل ذلك عنه ؟
إنه الاستغـفــار .. نعم الاستـغـفـار الذي يضمن لكم الأمان من كل ما تتعرضون له من المكاره والمصائب والنقمات في فترة حياتكم .. بل وبعد مماتكم

منقول لتعم الفائدة
استغفر الله العلي العظيم
استغفر الله العلي العظيم
استغفر الله العلي العظيم

سبحان الله و الحمد لله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.