بسم الله الرحمن الرحيم
هل اشتاقت روحك لتﻼوة أعطر اﻵيات من كتاب الله؟ هل خصصت لهذا الكتاب العظيم وقتاً من يومك؟ متى كانت آخر مرة ختمت فيها القرآن؟ ما مدى تأثرك بكﻼم الله؟ أسئلة كثيرة تدل إجاباتها على مدى اتصالنا بكﻼم الرحمن ، وتكشف لنا حقيقة ما عندنا من اﻹيمان .
اﻻتصال بكتاب الله يحيي القلب ، ويبث اﻹيمان ، ويربط الروح بالله ، ويطمئن النفس ، ويزيد اﻷنس ، ويمتع النظر ، ويحفظ القلب من اﻵثام ، ويشغل الفكر بما يفيده في الدنيا واﻵخرة ، ويحميه من اﻷفكار والخياﻻت الفاسدة.
مهما كان انشغالنا ، وازدحام اﻷعمال بين يدينا ، وتراكم المهام في دفتر يومياتنا ، فﻼ يصح أبداً أن ننشغل بشيء – مهما كان – عن تﻼوة كﻼم الله ، واﻻتصال بآياته المحكمة وعظاته المؤثرة .
أي خسران هذا ، وأي غبن نقع فيه عندما ننشغل عن كتاب الله بما هو دونه ، بزعم أننا ﻻ وقت لدينا ، مع علمنا بجزيل الثواب لمن يتلو آيات الكتاب ، فكلنا يعلم أن الحرف بحسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، فكل حرف بعشر حسنات!
لكن المصيبة أن هذا الغبن ﻻ يظهر إﻻ في يوم التغابن ، يوم توزن الحسنات والسيئات بميزان القسط الذي يبين فيه مثقال الذرة (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فﻼ تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) ، ذلك اليوم الذي يقول فيه العبد (يا ليتني قدمت لحياتي) .
أﻻ يستحي أحدنا من الله أن يكون داعية ، أو طالب علم ، أو إماماً ، أو ملتزماً بدين الله ، وتمر عليه اﻷسابيع لم يفتح فيها مصحفاً ، ولم يقرأ فيها جزءاً واحداً ، وﻻ عهد له بختم القرآن إﻻ في رمضان الماضي؟!
إذن أخي الغالي ، اجعل لك ورداً يومياً تقرؤه من كتاب الله ، مهما كان انشغالك ، ورتب جدوﻻً لختم القرآن ، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يختمونه كل أسبوع مرة ، حدد مقدار تﻼوتك بما يتناسب مع طاقتك ، وليكن جزءاً في اليوم كبداية مناسبة ، وبهذا تختم القرآن تﻼوة مرة كل شهر .
وهاك بعض التوصيات التي تعينك على ذلك بإذن الله :
1) اشتر مصحفاً صغيراً (مصحف الجيب) ، واجعله رفيقك أينما حللت وحيثما ارتحلت ، فذلك أدعى لﻼرتباط بكتاب الله ، لو كان اهتمامنا باصطحاب المصحف معنا أينما كنا كاهتمامنا باصطحاب الهاتف الجوال لتغيرت أحوالنا!
2) حدد مقداراً ثابتاً للتﻼوة كل يوم ، كالجزء أو الجزأين مثﻼً.
3) اجعل لك رفيقاً صالحاً يعينك على تﻼوة هذا الورد اليومي ، ولتكن بينكما منافسة .
4) خصص وقتاً محدداً من يومك لتﻼوة هذا الورد اليومي ، وليكن في فترة النهار ، حتى تستطيع أن تعوض ما فاتك من التﻼوة ليﻼً إذا حدث لك ظرف طارئ.
5) استغل وقت فراغك في تﻼوة المزيد من كتاب الله ، فعندك أوقات كثيرة تضيع في اﻻنتظار ، وتهدر في ما بين اﻷعمال الكبيرة ، دون أن تشعر بها .
كثير ممن يزعمون أنهم ﻻ يجدون وقتاً هم في الحقيقة مشغولون بﻼ مهمة ، تضيع منهم أوقات كثيرة بسبب عدم استعدادهم ﻻستغﻼلها ، وعدم تخطيطهم ﻻستثمارها.
كم من طﻼب الجامعات والموظفين من يستقل المواصﻼت العامة ، ويقضي أكثر من ساعتين أو ثﻼث يومياً ذهاباً وإياباً ، دون أن يقرأ فيها حرفاً واحداً يكون له ذخراً في يوم الحسرات .
نسأل الله تعالى ، أن يوفقنا لتﻼوة كتابه ، والعمل به ، وأن يجعله حجة لنا ﻻ حجة علينا ، وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته .
منقول………