تخطى إلى المحتوى

لقاح انفلونزا الخنازير

  • بواسطة


لقاح انفلونزا الخنازير الاثنين 30 شوال 1445 الموافق 19 أكتوبر 2024

د. صالح بن عبد الله الصقير
استشاري الطب الباطني والروماتيزم
هناك العديد من القصص الخيالية والأخبار المرعبة حول لقاح انفلونزا الخنازير، ولكن معظمها لا يستند إلى أساس علمي يطمئن إليه العاقل. ومع هذا فليس كل ما يُقال عن الإشكالات المتعلقة بانفلونزا الخنازير يعتبر كذباً أو إشاعة عديمة القيمة. هناك مقولات يجب أن نكون في غاية الحذر منها، خاصة وأن إعلامنا كعرب ومسلمين يعتبر مجرد صدى للإعلام الغربي.
من أخطر الأمور إطلاق التحذيرات أو التطمينات دون دليل علمي موثوق. تكاد تجمع وسائل الإعلام العربية والتصريحات الصحية الرسمية على تطمين الرأي العام حيال أمان لقاح انفلونزا الخنازير بمعلومات مجافية للحقيقة، وفوق هذا فهم يقولون إنهم يتبعون في ذلك الهيئات العلمية العالمية.. وهذا أيضاً مجافٍ للحقيقة.
ولبيان حقيقة لقاح انفلونزا الخنازير، ولتحقيق التوازن عند قياس أضراره بمنافعه أطرح هذه الورقة القصيرة، موثقاً وجهة نظري بالمراجع العلمية الملحقة:
مقدمة:
1- لقاح انفلونزا الخنازير نوعان أساسيان:
· اللقاح الفيروسي المجرد: يتضمن الفيروس أو أجزاء منه بعد معالجتها بحيث يستحث المناعة دون التسبب بالمرض.
· اللقاح الفيروسي مضافاً إليه "مستحثات المناعة" (Adjuvants ) لتقوية أثر اللقاح مثل مادة سكوالين (Squalene ).
وهناك خلاف علمي "عنيف" حول سلامة مستحثات المناعة. فمن يمنعها يستند على دراسات تثبت أنها غير ضرورية في معظم الفئات العمرية إضافة إلى أن فيها ضرراً لا يوازي الفائدة المرجوة منها. ومن يرى استعمالها يستند أيضاً على دراسات تثبت أن أضرارها نادرة وهي تزيد من فاعلية اللقاح في فئات محددة (ما فوق 65سنة).
2- سلامة لقاح انفلونزا الخنازير:
دأبت وسائل الإعلام على القول بأن لقاح انفلونزا الخنازير آمن، ويدّعون أن هذا هو رأي منظمة الصحة وهيئة الدواء والغذاء الأمريكية ومركز السيطرة على الأمراض في أمريكا،غير أن هذا القول فيه مجازفة خطيرة.
* كيف نقول إن اللقاح آمن قبل أن يتم إنتاجه فضلاً عن استعماله؟
* ثم إن منظمة الصحة العالمية لم تقل إنه آمن بإطلاق، وإنما قالت إن الخبرة السابقة في تطعيم الملايين ضد الانفلونزا الموسمية أثبتت أنه آمن بشكل كاف، وتتوقع أن يكون لقاح انفلونزا الخنازير مماثل له في الأمان. ثم تؤكد منظمة الصحة على أهمية دراسة آثار لقاح انفلونزا الخنازير بعد إعطائه لأعداد كافية حتى نطمئن تماماً من سلامته. وتشير المنظمة حول هذه النقطة إلى أنه في عام 1976م حصل مضاعفات خطيرة بسبب لقاح انفلونزا الخنازير تحديداً مما اضطرهم إلى إيقاف حملة التطعيم (وطرد رئيس مركز السيطرة على الأمراض بسبب تقصيره في اكتشاف المضاعفات مبكراً). أما مركز السيطرة على الأمراض في أمريكا فهو أكثر وضوحاً في ذلك: CDC
2- سلامة اللقاح المحتوي على المحفزات للمناعة:
يقول البعض في وسائل الإعلام إن مادة (سكوالين) آمنة ويستندون أيضاً إلى منظمة الصحة وهيئة الدواء ومركز السيطرة على الأمراض (الأمريكية). وهذا أيضاً غير صحيح!
فمنظمة الصحة لم تقل ذلك في لقاح انفلونزا الخنازير المحتوي على سكوالين تحديداً. إن من البدهي في علم الطب والصيدلة أن نفس المضافات قد تكون آمنة أو فعّالة إذا أُضيفت إلى لقاح معين، ولا تكون كذلك إذا أُضيفت إلى لقاح آخر؛ ولا يمكن التوثق إلاّ بعد التجربة على المرضى. ولذلك فلا بد من إجراء الدراسات بعد تنفيذ حملات التطعيم على بضعة ملايين حتى نطمئن إلى سلامة لقاح انفلونزا الخنازير المحتوي على سكوالين. وقد نكتشف أنه آمن تماماً، ولكن قد نكتشف أنه في غاية الخطورة، ثم لا نعطيه لباقي السكان كما حصل عام 1976م.
أما فيما يتعلق بهيئة الدواء والغذاء ومركز السيطرة على الأمراض في أمريكا فإنهم يحظرون استخدام أي لقاح محتوٍ على سكوالين، ولذلك فهو ممنوع في أمريكا وتم تطمين الشعب الأمريكي أن اللقاح الذي سيتلقونه لا يحتوي مطلقاً على أي محفزات بما فيها سكوالين.
3- ما الذي يجري على أرض الواقع؟
أعلنت معظم الدول أن المرض خطير، ويجب تلقيح جميع السكان. أيضاً قرروا استعمال اللقاح المحتوي على مادة سكوالين.
وهذا مخالف للنتائج التي أثبتها الواقع المشاهد. كما أنهم لم يكونوا صادقين عندما قالوا إن هيئة الدواء ومركز السيطرة على الأمراض الأمريكيتين قرّرتا أن اللقاح آمن؛ إذ إن تلك المنظمتين تحظران تماماً استعمال اللقاح المحتوي على سكوالين.
4- هل هناك مسوّغ علمي لتطعيم الجميع؟
لا بد من موازنة مضار أي عقار أو لقاح مع المنافع المرجوة منه (Risk/Benifit ratio ).
وبالتحديد: هل أضراره المحتملة تفوق الأضرار المحتملة للإصابة بالانفلونزا نفسها؟ وما مدى فعالية اللقاح في منع الانفلونزا أصلاً؟
لا بأس أن نكون متحمسين لحملة التطعيم، ولكن علينا أن نتذكر أننا نتحدث عن مئات الملايين من المسلمين.
إن من يرى ضرورة التطعيم سيصطدم بالعديد من الحقائق:
1. من خلال رصد انتشار انفلونزا الخنازير خلال الشهور الماضية تغير تقدير منظمة الصحة لشدة المرض من شديد في البداية إلى شدة معتدلة بعد شهر من ظهور المرض. أما الآن فقد تبين أنه أسهل من الانفلونزا الموسمية. الوفيات المعلنة 0.7%، ولكن هذا في الحالات الشديدة فقط. أما نسبة الوفيات إلى الإصابات الاجمالية فلن تتجاوز 0.07% أي أن (7 يتوفون من كل 10000) مصاب فقط. ويكفي أن نعلم أنه مات في جميع أنحاء العالم من الانفلونزا الموسمية خلال العام السابق (250000) مصاب، بينما لم يمت من انفلونزا الخنازير خلال نصف سنة إلاّ (4100) فقط! أي أن وفيات انفلونزا المواسم العادية تعتبر حتى الآن أكثر من وفيات انفلونزا الخنازير بـ (60) مرة!
فإذا كانت ضراوة الانفلونزا العادية أشد من انفلونزا الخنازير، ومع هذا لم يتم تطعيم إلاّ فئة محدودة جداً، فلماذا الهلع وإرعاب السكان للقبول بحملة تطعيم عشوائية؟
2. بخلاف ما يُدّعى في وسائل الإعلام، لا يوجد حتى الآن أي دراسات على نطاق واسع تثبت سلامة لقاح انفلونزا الخنازير، وغاية ما هنالك هو دراسات مبدئية بأعداد قليلة لا تظهر فيها الأخطار الأخرى. فمثلاً لم تتبين الخطورة الفادحة للقاح انفلونزا الخنازير عام 1976م إلاّ بعد تطعيم (40) مليون أمريكي. فلماذا لا نقول الحقيقة للسكان دون تهويل ولا مجازفة ولا تغفيل، ثم نترك لهم الخيار المتعقل المتوازن دون أن يكونوا مدفوعين بسياط الموت، عبر التصريحات المتتالية في وسائل الإعلام؟
3. لا يوجد أي إثبات أن من سيتلقى اللقاح لن يصاب بفيروس انفلونزا الخنازير. وبالنظر إلى لقاح الانفلونزا الموسمية خلال السنين الماضية سنلاحظ أن مقدرة اللقاح على منع الانفلونزا تتراوح ما بين 50-85%.

وتقل فعالية اللقاح بالنسبة لكبار السن بالذات. فلماذا نجازف بدفع الناس لتحمّل الأضرار إذا كان هناك احتمال مهم في عدم الاستفادة من اللقاح؟
4. القياس في الطب يعتبر دليلاً ضعيفاً. من الغريب أن نساوي في درجة الأمان بين لقاح الانفلونزا الموسمية وانفلونزا الخنازير. جميع الخبرات المشجعة في لقاح الانفلونزا لا تنطبق إلاّ على الانفلونزا الموسمية. لا يوجد أي خبرة سابقة مع لقاح انفلونزا الخنازير، بل كما سبق بيانه فإن خبرتنا الوحيدة مع لقاح انفلونزا الخنازير تعتبر سيئة وكارثية، وهي ما حصل عام 1976م.

ستكون كارثة صحية مفجعة فيما لو تبين بعد تطعيم بضعة ملايين من السكان أن اللقاح كان أخطر مما توقعنا، أو أن أخطار اللقاح على الرغم من تدنيها كانت أكبر من آثار المرض الخفيف، إضافة إلى المضاعفات التي لم نحسب لها حساباً: مثل تدني نسبة فاعلية اللقاح في منع المرض، أو إذا كانت الحملة سبباً في نقص الاهتمام بأمور أخرى صحية أو غير صحية. نحن نعلم يقيناً أن الموتى بسبب التدخين في السعودية تحديداً يقاسون بعشرات الآلاف، ولا يحتاج الأمر إلى حملات توعية، ولا تكاليف تطعيم، وإنما يحتاج إلى قرارات سياسية تتجاوز ضغوط وإرهاب شركات ترويج التبغ. كما أن رعاية الأمومة والطفولة والرعاية الصحية الأولية متدنية تماماً، على الرغم من التصريحات الموهمة في الصحف. أما نقص الأدوية الضرورية مثل أدوية الضغط والسكري والربو والمضادات الحيوية بل ومسكنات الألم؛ فهو هاجس كل من يُبتلى بهذه الأمراض وليس من طبقة الأغنياء، ولو تم دعم تلك الخدمات بجزء من تكاليف حملة انفلونزا الخنازير لأنقذنا أضعاف أضعاف من سيتم إنقاذهم من مرضى الانفلونزا الطفيفة.
وأخيراً، فأعرض على القرّاء الكرام ثلاثة استطلاعات للرأي أُجريت هذا الشهر بين المتخصّصين من الأطباء الاستشاريين وأساتذة الجامعات وطلاب الطب والمثقفين. شاركني في إدارة الاستطلاع وتنفيذه أ.د. جمال الجارالله أستاذ طب العائلة والمجتمع في جامعة الملك سعود بالرياض، وشاركني كذلك أستاذ في الإحصاء الطبي والوبائيات.
أولاً: آراء الأطباء السعوديين:
تم استطلاع رأي (60) أستاذاً وأستاذة وأطباء استشاريين تم اختيارهم عشوائياً من عدة مستشفيات في المملكة، شملت كليات طب والمستشفى التخصصي والعسكري والأمن والحرس والصحة. وقد تم التركيز بالذات على المتخصصين في:
· الطب الباطني بفروعه بما فيها الأمراض المعدية.
· طب الأطفال بفروعه بما فيها الأمراض المعدية.
· طب العائلة والوبائيات ( Family Medicine& Clinical Epidemiolog)
الأسئلة:
· هل ستأخذ اللقاح الموجود؟
· هل ستسمح لأبنائك بأخذ اللقاح؟
· هل ستقنع الآخرين برأيك؟
النتائج:
· لن يأخذ اللقاح: (52) طبيباً (80%)، ونفس العدد لا يسمح لأبنائه أيضاً.
· سيأخذ اللقاح: (13) طبيباً (20%) ويسمح لأبنائه: (11) طبيباً (17%)
· سينصح الآخرين بعدم أخذ اللقاح: (25) طبيباً من (52) (48%).
تضمن الاستفتاء أيضاً استشاريين في الصيدلة الإكلينيكية، وطبيبيْ أسنان واختصاصي صحي، وجميعهم قرروا عدم تلقي التطعيم لهم ولأولادهم. هؤلاء لم يكونوا ضمن الأرقام السابقة.
ثانياً: رأي طلاب الطب (نهائي إكلينيكي)
قام أحد الأساتذة في كلية الطب/ جامعة الملك سعود باستطلاع رأي (226) طالباً في السنوات النهائية.
النتائج:
· غير موافق على أخذ اللقاح: (198) طالباً (88%)
· سيأخذ اللقاح: (28) طالباً (12%)

ثالثاً: استطلاع رواد مدونة العُمري الثقافي:
مدونة أ.د. عبدالعزيز العمري أستاذ التاريخ وعضو المجلس البلدي في الرياض.
الحضور يمثلون نخبة من الأدباء والمثقفين وأساتذة الجامعات والمهتمين بمتابعة الأنشطة الثقافية. عدد الحضور: (90)
غير موافق على أخذ اللقاح: 89 (98.9%)
سيأخذ اللقاح: (1). (1%)
هذه الاستطلاعات الثلاثة تعتبر أول استطلاع من نوعه لفئات مهمة جداً من الناحية التأثيرية في توجه الرأي العام والمثقفين على حد سواء، والنتائج لا تحتاج إلى تعليق.
يجب على الجهات المختصة إعادة النظر في سياسة طرح قضية انفلونزا الخنازير برمتها. الناس أصبحوا على اطلاع واسع، وإذا كان أصحاب القرار يتلقون معلومات لا تعكس الرأي المتخصص ولا الرأي العام، وإنما تستقطب متخصصين يتبنون رأياً انتقائياً واحداً فإن هذا يعتبر كارثة سياسية وصحية على حد سواء.
المراجع:
1. منظمة الصحة العالمية: أمان مادة سكوالين مع لقاح معين لا تعمم على غيره؛ أهمية وجود دراسات كافية على الحوامل وأثر اللقاح على الحمل.
2. مركز السيطرة على الأمراض : الذين أعمارهم أكثر من (24) سنة ليس لهم أولوية في تلقي اللقاح؛ من تجاوزوا (65) سنة يعتبرون في آخر الأولويات؛ نظراً لأن لديهم مناعة جزئية من انفلونزا الخنازير
3. منظمة الصحة العالمية: الخبرة المشجعة مع اللقاحات المحتوية على سكوالين تنحصر في كبار السن (أكثر من 65سنة)، ولا بد من دراسة سلامتها حال تطعيم من هم أصغر سناً.
4. منظمة الغذاء والدواء الأمريكية: من ناحية الأمان يُتوقع أن يتصرف لقاح انفلونزا الخنازير مثل لقاح الانفلونزا الموسمية.
5. : CDC : سلامة لقاح انفلونزا الخنازير.
6. خمسين مليار دولار مكاسب الشركات من اللقاح: IslamOnLine
7. شركات الأدوية تأخذ التعهد على الدول بإخلاء مسئوليتها عن أضرار اللقاح / جريدة الوطن
8. 40% فقط من الشعب الأمريكي يقبلون اللقاح.
9. إحصاءات عن قبول الرأي العام للقاح انفلونزا الخنازير

سبحان الله و الحمد لله

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.