كنت بالأمس في جدة جالساً مع رهط من الوافدين العاملين لدينا ،وهم من جنسيتين غير عربية، فسألتهم عن رأيهم في سلوك أبنائنا ووضعهم الأخلاقي، وكان هدف السؤال؛ قياس نبضهم عن أوضاعنا التربوية .
فأباحوا جميعاً عن مشاعر سلبية تجاه أبنائنا، وأظهروا امتعاضاً ونفوراً من بعض التصرفات السلبية ،والسلوكيات الخاطئة التي واجهوها، أو شاهدوها لدى بعضهم.
وأفصحوا عن بعض المواقف الأليمة ،والحوادث المؤلمة ؛ التي صدرت من بعض صغار السن والمراهقين ،والتي تمثلت في عدم احترام الغريب، والتعدي على المارة منهم، برمي الحجارة ، أو التهجم عليهم بالألفاظ البذيئة، والألقاب الشنيعة، وبدون سبب أو دافع لذلك، سوى المرح والتسلية لأنفسهم.
وقالوا: إن أبناءنا يكثرون اللهو واللعب، والصخب والعبث المتواصل، وأنهم يطيلون المكوث خارج المنزل، ويحرصون على التسكع في الطرقات، والجلوس فيها إلى آخر الليل، وذكروا أن منهم من يكثر التجول بالسيارة، واللعب بها، وفيهم من يلقي المخلفات، وعلب الزجاج الفارغة بالشارع ، وفيهم من يزعج الناس بالمفرقعات والألعاب النارية،وفيهم من يتعدى على حرمة المساجد ، ويشوش على المصلين، وصرحوا بأن أبناءنا مدللون، اتكاليون، يفتقدون العزيمة للعمل، والدافعية للإنتاج، ففي طبعهم الكسل ، وفي حركتهم الخمول….. ،وغير ذلك مما بيّنوا وصرّحوا به، على حدِّ علمهم، وحسب فهمهم وتصورهم.
لكنهم أوردوا عن أبناء بلادهم كلاماً مفيداً ، ينبغي النظر فيه، والوقوف عنده؛ إذ قالوا إن أبناءهم لا تصدر منهم أذية للغريب ، بل يقدمون المساعدة له متى ما أراد ذلك، وإن الأسر لديهم لا تترك أبناءها يسرحون، ويمرحون لوحدهم، أو يأخذون ما يشاءون، أو يلبسون ما يريدون، أو يأكلون خارج بيوتهم، بل إنهم يتواجدون مع أسرهم أينما كانوا، وحيثما ذهبوا، وقالوا إن غالبهم يكونون مع آبائهم ،ومشغولين طول يومهم في طلب الرزق، وكسب المعيشة.
فساءني كلامهم، وكدرني قولهم، وقد صدقوا في حديثهم؛ عن أحوال بعض أبناء الأسر المهملة الغافلة عن دورها في التوجية والتعليم، الساهية اللاهية عن مسؤوليتها في الرعاية والمتابعة،وعلى أربابها يقع اللوم، وعليهم تقع المحاسبة، وهم المسؤولون عن تصرفات أبنائهم، أمام الله سبحانه وتعالى ، ثم أمام المجتمع، فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته.
إننا نأسف على استمرار الكثير من الأخطاء اليومية في مجتمعنا ؛ والتي عابها علينا غيرنا ، ومازلنا نظن أنفسنا أننا أحفاد الصحابة ، وأننا القادرين على حمل مشاعل النور والتنوير والهداية.
إننا نرجو أن نعتني بشؤون أبنائنا التربوية، كما نعتني بشؤونهم المعيشية، بأن نحرص دائماً على تذكيرهم بأمور دينهم، وأن نهتم بتثقيف عقولهم ، وتنوير قلوبهم، ومراقبة تصرفاتهم ، والعمل المستمر على تصحيح مسارهم،إلى ينفعهم ويرفعهم في دنياهم وأخراهم.
نسأل الله الهداية والسلامة للجميع.
صورة مشينة عن أبنائنا لدى الوافدين