بدعوى تقليص مدارس «الكبيرات»
تعليم البنات بالأحساء ينهي عقود 140 معلمة لمحو الأمية
إبراهيم اللويم ـ الدمام
محمد الملحم مدير تعليم البنات
بعد سنوات ليست بالقليلة من الخدمة التعليمية في تعليم الكبيرات «محو الأمية»، أنهت الإدارة العامة للتربية والتعليم بالأحساء خدمة 140 معلمة من أصل 350 معلمة امتدت خدمة بعضهن قرابة العشرين عاماً قضينها في أروقة مدارس البنات في محافظة الأحساء بأقلامهن ودفاترهن لتحضير الدروس بين أيديهن، وبينما كانت حجة الإدارة في ذلك تقليص المصاريف المالية المترتبة على تجديد عقود معلمات « الكبيرات « فإن الإحصاءات الأخيرة تبين أن مجتمعنا يعج بالأمية خاصة بين أوساط النساء وتحديداً على نطاق نساء محافظة الأحساء، والذي يبلغ عدد الأميات فيه حوالي 245 امرأة غير متعلمة، المعلمات المنتهية عقودهن رفعن تظلمهن إلى المسؤولين عبر هذه المادة .. فإلى التفاصيل
خبرة ربع قرن
مريم الظفرة ـ معلمة ـ تقول متسائلة :» هل يعقل أن ينهى عقدي من وظيفتي ـ معلمة لمحو الأمية ـ بعد خدمة امتدت قرابة 26 عاماً تنقلت فيها بين عدد من مدارس البنات لتعليم الكبيرات وبهذه الطريقة التعسفية من دون أي مبررات مقبولة ؟ فعلى مدى سنوات خدمتنا أنا وزميلاتي اللاتي أنهيت عقودهن نلنا الإشادة والثناء من قبل مشرفات الصفوف الدنيا، وذلك نتيجة حرصنا على نقل رسالتنا التعليمية إلى كافة الطالبات الكبيرات، وكذلك من مواظبتنا والتزامنا في الحضور حصلنا على تقييم لأدائنا الوظيفي في كل عام من قبل المشرفات لا يقل عن ممتاز .»
تلاعب
أما المعلمة نوال السيف التي خدمت قرابة الـ 25عاما فتقول:» لقد تقبلنا قرار مديرة تعليم الكبيرات عندما طلبت منا نحن كافة المعلمات لمحو الأمية بأن نؤدي اختبارا للقدرات رغم أنه ليس مطلوب منا ذلك، فلا يوجد أي تعميم صادر من قبل وزارة التربية والتعليم بأن ينهي عقد أية معلمة لم تجتز اختبار القدرات لمعلمات الكبيرات، وهذا القرار الذي يلزمنا بأن تخضع المعلمة لاختبار القدرات في اعتقادي هو قرار شخصي لأننا الوحيدات من معلمات محو الأمية في المملكة من طلب منهن إجراء اختبار من أجل تجديد عقودهن، ورغم ذلك تقبلنا نحن المعلمات والبالغ عددنا حوالي 245 معلمة ـ بكل رحابة صدر ـ أن ندخل الاختبار تمسكا منا بالوظيفة، ولقد علمنا بهذا الأمر عندما قامت بعض المعلمات بمراجعة الوزارة لمقابلة نائبة وزير التربية والتعليم بشأن النظر في مسألة إنهاء عقودنا بدون أسباب مقنعة، وقد أخبرتنا رئيسة قسم تعليم الكبيرات في الوزارة بأن إدارة تعليم الأحساء هي من أنهت عقودنا وأنه رفعت للوزارة الأسماء بعدم الرغبة في التجديد، وعند الاستفسار عن الشروط التي حددتها الوزارة بشأن تجديد العقود ،وهل من المفترض أن تخضع المعلمة للاختبار ؟ اتضح أن أهم شروط التجديد هو أن تحصل المعلمة على أداء وظيفي لا يقل عن تقدير ممتاز في نهاية كل عام، كذلك أن يكون حضورها مميزا بحيث لا يحسب عليها غياب لعدد من الأيام، وفيما يتعلق بالاختبار فإن ذلك قرار صادر من قبل إدارة الأحساء وغير ملزم على المعلمة أداؤه !!».
اذهبن إلى بيوتكن
المعلمة معصومة العليوي والتي بلغت سنوات خدمتها 24 عاماً تقول:» لقد تمت مسألة إنهاء عقودنا في سرية تامة من قبل مدير تعليم الكبيرات ،وبالتأكيد من مدير التعليم للبنات، ونحن لم نكن نعلم عن هذا الأمر إلا في آخر يوم من دوام المديرة وقبل تمتعها بإجازتها السنوية، فقد أخبرنا بأننا مفصولات، وبالتالي علينا الذهاب إلى بيوتنا من أجل عدم الاحتكاك مع المعلمات، وبهذا فقد ابتكرت مديرة تعليم الكبيرات معنا مسألة القدرات، وكذلك فقد استغلت حاجتنا للوظيفة عندما طلبت منا أن نوفر العديد من الوسائل التعليمية داخل المدرسة للأمهات (الطالبات) وأن تكون من مالنا الخاص، وبعد هذه التضحية يتم إنهاء عقودنا من دون وجه حق «.
تجاهل الخبرة
وفي نفس المحور ذكرت المعلمة شيخة البوشل في سياق حديثها، أن المعلمات المنتهية عقودهن جميعهن يعملن على بند مؤقت ويتم التجديد لهن كل نهاية عام من قبل إدارة التعليم، ولا ينطوي تحت هذا البند أي حقوق سوى الراتب الشهري الذي تتقاضاه المعلمة والذي لا يتجاوز 2875 ريالا شهريا كمكافأة، ويتوقف صرفه عندما تستمتع المعلمة بإجازتها السنوية خلال نهاية العام أو أية إجازة أخرى، وأضافت البوشل:» لم يتم مراعاة الخبرة في مسألة تجديد العقود، فقد كانت المحسوبيات ( الواسطة ) في مسألة اختيار المعلمات من قبل إدارة تعليم الكبيرات واضحة تمام الوضوح، فعندما تم تجديد عقود معلمات لم يمض على خدمتهن سوى عام أو عامين !! ونحن ذوات الخبرة كانت النهاية أننا أصبحنا عاطلات عن العمل «.
هل يرضي المسؤولين ؟!
أما المعلمة خلود فقالت :» لقد شعرت بالحزن الشديد على عدم تجديد عقدي بعد السنوات التي امتدت حوالي 20 عاماً والتي قضيتها في خدمة التعليم ومساعدة الأمهات الكبيرات في السن على التعلم والقضاء على الأمية، وما زاد حزني قهرا أن ظروفي المعيشية صعبة جداً فزوجي راتبه الوظيفي لا يتجاوز 1500 ريال، ونعيش في مسكن بالإيجار، وكنت اعتمد كثيراً على راتبي في تسيير حياتي الأسرية وتدبير شئون منزلي، غير أنه بعد أن كنت معلمة لي مكانتي الاجتماعية بين أوساط من أعرفهم، أصبحت الآن عاطلة عن العمل بسبب قرار شخصي صادر عن أشخاص لا يعلمون بأن الوظيفة والراتب الذي كنا نتقاضاه ـ رغم قلته ـ يسد حاجتنا عن الفاقة والعوز للناس، فهل ما آل إليه حالنا يرضي المسؤولين في التعليم وخاصة في تعليم الأحساء ؟»
حجة التقليص
أما عزيزة الملحم التي بلغ عدد سنوات خدمتها 20 عاماً معلمة ـ منها 14 سنة مديرة مدرسة ـ فتقول:» لقد حددت مديرة تعليم الكبيرات قبل نهاية العام الماضي بعدم تسجيل أية طالبة ترغب في التعلم بحجة أنها تريد أن تقلل من أعداد المدارس في المحافظة، بحيث تكون في كل مدينة وقرية مدرسة واحدة فقط، وذلك من أجل تقليص المصاريف المالية رغم أن الوزارة وضعت ميزانية ضخمة لمحو الأمية، ومادامت الرغبة موجودة لدى إدارة التعليم للبنات بالأحساء أن تعمل على تقليص المدارس وبالتالي عدم تجديد عقود أكبر عدد من المعلمات، فالمفترض أن يتم تحويل المعلمات المفصولات على نظام التأمينات الاجتماعية كي يتم احتساب سنوات خدمتهن وبالتالي يصرف لهن رواتب تقاعد تعينهن على ظروفهن المعيشية خاصة أن غالبيتهن في معاناة من ظروف الحياة الصعبة «، وطالبت الملحم المسئولين في وزارة التربية والتعليم أن يقوموا بتشكيل لجنة تقوم بإعادة النظر في مسألة تجديد العقود المتعلقة بمعلمات محو الأمية في تعليم البنات في الأحساء، وأن يتم ذلك بإشراف مباشر من قبل الوزارة وأن يكون اختيار المعلمة حسب الشروط التي حددتها .
تضامن
أشارت إحدى المعلمات التي تم تجديد عقدها ـ رفضت ذكر اسمها خوفاً من أن يطالها الفصل ـ إلى تضامنها مع زميلاتها اللائي أنهيت عقودهن، وأنها تؤيدهن في طلبهن بإجراء تحقيق عن قضيتهن، وأنها مع بقية زميلاتها من جُدِّد لهن في هذا العام يخشين أن يواجهن نفس المصير في العام القادم، وقالت :» أؤيد أن يتم تشكيل لجنة تشرف على مسألة اختيار المعلمات لمحو الأمية، وأن تلتزم هذه اللجنة بتطبيق الشروط التي حددتها الوزارة في اختيار المعلمة المناسبة لتجديد عقدها «.
بدون تجاوب
هذا وقد رفضت مديرة إدارة تعليم الكبيرات بتعليم البنات بالأحساء شعاع الحميدان الحديث معنا عندما أرسلت رسالة نصية تلقتها ( اليوم ) بواسطة هاتفها النقال بأنها غير معنية بالرد بخصوص المعلمات المنهي عقودهن فهي فقط مشرفة على إدارة تعليم الكبيرات، وأن الشخص الذي بإمكانه التحدث هو مدير تعليم البنات، وفي اتصال هاتفي من « اليوم « بمدير تعليم البنات بمحافظة الأحساء محمد الملحم بشأن الرد على مسألة معلمات محو الأمية اللاتي أنهيت عقودهن، فضل الملحم عدم الحديث معنا، واكتفى بقوله: « أنا في إجازة !!»، وأن على المعلمات المفصولات أن يتقبلن القرار بكل بنوده، فلا يحق لهن ـ على حد تعبيره ـ المطالبة بالعودة مرة أخرى !. :