وهل هناك غيرها؟
لاحرمنا الله نوادر تعاميمها العجيبة، ولا تحف قراراتها الفريدة، وأولها ـ بعد إعلان أكبر ميزانية في تاريخ المملكة ـ ما زفَّته لنا صحيفة "الوطن" يوم الجمعة الماضية 25/12/2019 ونصُّه: "وافقت وزارة التربية والتعليم على مواصلة معلمي المناطق الحدودية لدراساتهم العليا في الدول المجاورة. واشترطت الوزارة أن تكون الدراسة خارج وقت الدوام الرسمي وبموافقة الجهة الرسمية، وبحيث لا يترتب عليها أية التزامات مالية، وأن تكون المسافة بين مقر عمل الموظف والجهة التعليمية في حدود ضعف مسافة الانتداب المحددة نظاماً، وأن يكون التخصص ضمن التخصصات التي تتناسب مع طبيعة عمل المتقدم.
وتبعاً لذلك سيتم منح الموافقة على الدراسة الحدودية بحيث يدرس معلمو أو موظفو القريات في الأردن، والمنطقة الشرقية في البحرين وحفر الباطن والخفجي في الكويت"!
وهو ـ كما ترى ـ خبر طويلٌ ملئٌ بمايدغدغ غريزة الضحك لدى الشعب السعودي كله حولاً كاملاً! ولا أدل على وزنه الثقيل من أن "الوطن" نشرته على عاتق اثنين من الزملاء الأشدَّاء بلا شكٍّ ـ ولا تطريزٍ ولا تخريم ـ هما: "محمد آل ماطر" و"مرجع لسلوم"!
وتفضَّلوا حيَّاكمكُنَّ الله على ماقسم الله، وكلٌّ يأكل مما يليه لو سمحتمتُنَّ؛ فهناك من سيقول: وماحاجة المعلمين والمنسوبين إلى موافقة حضرة جناب "الإدارة العامة للإشراف التربوي" إذا كانت دراستهم خارج الدوام الرسمي، وبموافقة الجهة الرسمية ـ الملحقيات التعليمية ووزارة التعليم العالي ـ ولايترتب عليها أية التزامات مادية، وفي تخصصهم نفسه؟ وسيرد عليه قائل ـ بعد فاصلٍ طويلٍ من القهقهة المثيرة للكحكحة، والسعال الديكي ـ : موافقة الوزارة هنا تعني تكرمها بالموافقة على معادلة الشهادات التي سيحصلون عليها، وإلاَّ ذهب هدراً تعب الذين لم "يوجِّبوا" المشرفين التربويين، "المتقاعدين ذهنيَّاً" لهم!
وهناك من "سيهبر" الخبر من كتفٍ أخرى فيقول: "أين تذهب مليارات الميزانية إذا كانت الوزارة ستسمح بتسلل معلميها ومنسوبيها إلى "البحرين"، و"الكويت" و"الأردن"، بدل أن توفَّر لهم ما يطوِّر قدراتهم ويلبِّي طموحاتهم داخل المملكة، بل في كل مدينة؟ أم أن هذا ليس من مسؤولياتها وكثّر خيرها أن تكرمت بالموافقة على التسلل؟ وكيف ستحل مشكلة تهافت منسوبيها على طلب النقل إلى المناطق الحدودية، مؤدِّين إلى قلب معادلة "الأطراف والمراكز" المسجَّلة باسم الدكتور "علي سعد الموسى"؟ لاشك ـ ولا تطريز ولا تخريم ـ أن تصدر تعميماً آخر يشترط إثبات الإقامة في المناطق المسموح بالتسلل منها؛ كما اشترطته على المعلمات المرشحات من "ديوان الخدمة" على وظيفة "شهيدات الواجب" خارج مساقط رؤوسهن!
الوحيد الذي لن يهضم شيئاً من هذه الوجبة الدسمة هو من يعتقد أن مكاتب "السَّرْدي مَرْدي" معنيَّةٌ بالعملية التعليمية فعلاً!
محمد السحيمي
جريدة الوطن السعودية