ما أخف نطقها وما أسهل تطبيقها وما أثقل حِملها على الفرد والمجتمع .
أصبحت هذه الكلمة كالثقافة التي تميزنا كمعلمين ولنا مبررات لاشك ولكن لو رفعنا رأسنا قليلا ونظرنا لأطراف المستقبل لتلاشت كل المبررات .
منذ دخول الطالب في الصف الأول الابتدائي إلى أن يتخرج من الثانوية وهو يتلقى من المعلمين كافة أنواع التسهيلات الغير مشروعة لينجح دون أن يحقق أدنى درجات الإتقان ليجد نفسه بعد التخرج يعاني ضعف شديد في أبسط المهارات الأساسية كالكتابة والقراءة والحساب التي كنا نجيدها في الصف الثالث الابتدائي فما بالك بالمهارات الأخرى في مختلف النواحي المعرفية والعقلية والجسمية والاجتماعية والمهنية .
هذا الكلام ليس نظريا بل كنت أراه في الابتدائية والمتوسطة وأراه الآن يوميا من طلاب الثانوية
مما يحز في نفسي من شدة الضعف في القراءة والكتابة والمهارات المعرفية في مختلف المواد والمهارات العقلية كالاستنباط والتحليل والمهارات الاجتماعية كالحوار والتعاون .
هذه مشكلة ولها أسباب ولابد لها من حل حتى لا يتفاقم الوضع ويصبح مجتمعنا مكون من مجموعة من الخريجين الجهلة الذين خرجوا من المدرسة كما دخلوها ولا يملكون أي مهارة في الحياة وسيكونون عالة وضغط شديد على المجتمع .
الأسباب من وجهة نظري :
1- الوزارة .
2- مدراء المدارس .
3- أولياء الأمور .
4- الطلاب .
5- المعلمون وهم السبب الأهم وأنا أعتبر أن المعلم هو قائد العملية التربوية تنجح بنجاحه وتفشل بفشله وذلك له أسباب يطول شرحها ولكن أنا سأقتصر على سبب مهم له اليد الطولى في الوضع الحاصل وهو كلمة
( نجحه وريح راسك ) .
أسباب استخدام هذه الطريقة بين المعلمين :
1_ أهم سبب لا أقول انعدام الأمانة وإنما الغفلة عنها فالكثير يغفل أن الطلاب الذين هم أهم شريحة في المجتمع أمانة في عنق المعلم .
2 – أن المساءلة من قبل المشرفين تطال المعلم الذي لديه طلاب راسبون بينما من ينجح كافة الطلاب لا يتعرض لأي مساءلة والمفترض في نهاية السنة هو المساءلة للجميع .
3 _ تكاسل المعلمين عن دخول اختبار الدور الثاني في المتوسطة والثانوية أو الأسبوع العلاجي في الابتدائية .
4_ الكرم الغير مفهوم من بعض المعلمين عند سماع خبر النقل ، فتجد البعض عند نقله إلى مدينته يقوم بإعطاء كافة الطلاب كامل الدرجات كهدية بمناسبة نقله والمتعارف عليه أن من يريد أن يهدي ينبغي أن تكون الهدية مما يملك أما الدرجات فليست ملك له .
5_ تقصير المعلم طوال السنة في الشرح والوسائل وطرق التدريس المختلفة مما يضطره لتنجيح الطلاب خوفا من مساءلته عن تقصيره .
6_ الخوف من ضغط أولياء أمور الطلاب والزملاء والإداريين فعند سماع رسوب طالب تجد الجميع ضد هذا المعلم الذي رسبه .
نتيجة هذه الطريقة :
1 – تخرج طلاب من المدرسة كما دخلوها بلا أدنى مهارة فحتى القراءة والكتابة التي كنا نتقنها في الصفوف الأولية لا يتقنوها و هؤلاء سيشكلون عبء على المجتمع بل خطر منتظر .
2 – انتشار اللامبالاة الشديدة بين معظم الطلاب والسبب هو ضمان الثواب وغياب العقاب وهذا من سنن الحياة فلو خلق الله الجنة فقط ولم يخلق نار لما أدينا فريضة واحدة .
3 – أصبح الطالب يرى أن النجاح والدرجات من أبسط حقوقه حتى لو لم يبذل أي جهد وإذا لم يحصل عليها أقام الدنيا ولم يقعدها وهذا الأمر خطورته ليس في المدرسة فقط بل تنعكس على شخصية الطالب في كل أمور حياته فتجده يريد الحصول على كل شيء بسهولة .
4 – فقد المعلم قيمته ومكانته وهيبته في المجتمع لأنه لم ينتج شيء يخدم المجتمع وليس كما يزعم البعض بأن فقد الهيبة بسبب منع الضرب .
أتمنى أن نتعاون جميعا على حل هذه المشكلة قبل أن يحصل ما لا يحمد عقباه وأن نستفيد ممن سبقنا من الدول وتجربة اليابان غنية جدا فالنجاح في اليابان صعب جدا والحصول عليه لا يأتي إلا بعد بذل مجهودات عظيمة لدرجة أن حوالي مليون ونصف طالب ابتدائي ومليوني طالب مرحلة متوسطة يدرسون في مدارس تمهيدية بعد نهاية اليوم الدراسي بمدارسهم النظامية لإعداد أنفسهم لاجتياز اختبارات القبول بالمدارس الثانوية . ومن الطريف أن يؤدي الطالب اختبارا للالتحاق بهذه المدارس التمهيدية أيضا ولذلك فإن رحلة الكفاح الدراسية للطالب الياباني كلها جد ومثابرة ومشقة إلى أن يستطيع الحصول على القبول بالمدرسة الثانوية ثم الجامعة التي يختارها. وليس من الغريب أن يؤدي الطالب اختبار القبول بالمدرسة الثانوية أو الجامعة لاحقا في أكثر من مدرسة أو جامعة في وقت واحد حتى يتسنى له القبول بإحدى المدارس أو الجامعات التي وضعها مرتبة حسب رغباته. وليس من الغريب أن نجد طلابا بعد فشلهم في القبول بالجامعة التي يرغبونها كرغبة أولى، يدرسون عاما أو عامين في مدرسة تمهيدية للاستعداد لمحاولة القبول بنفس الجامعة مرة أخرى بالرغم من أنه يستطيع دخول جامعة أخرى ولكنها أقل درجة من التي اختارها. وهذا يؤكد مدى المثابرة والجد في تحقيق ما يصبو إليه الطالب. ويؤكد أيضا المقولة اليابانية الشهيرةأربع ساعات نجاح، خمس ساعات رسوب أي أربع ساعات نوم تعني النجاح بينما خمس ساعات نوم تعني الرسوب أي لتحقيق النجاح لا ينبغي النوم أكثر من أربع ساعات في اليوم!
أتأسف للإطالة وأشكركم على قراءتكم وأنتظر آراءكم والله من وراء القصد .