في الرابع من شعبان سنة 358هـ (30 تموز 973)، دخل المعز لدين الله، رابع الخلفاء العبيديين (الذين نَسبوا أنفسهم زوراً وادّعاء إلى فاطمة – رضي الله عنها – فسمّوا أنفسهم الفاطميين)،
دخل الإسكندرية قادماً من المغرب، فبدأ بذلك حكم العبيديين لمصر، وقد اعتبره المصريون حكمَ احتلال لأنه كان -في حقيقته- غزواً قامت به دولة أجنبية شيعية إسماعيلية
لمصر السنّية التي كان يحكمها الإخشيديون التابعون اسمياً للخلافة العباسية في بغداد.
كان العبيديون مكروهين من عامة أهل مصر وعلمائها بسبب سيرتهم في الحكم، فقد أذلّوا العباد وأفقروا البلاد،
ونقضوا عهدهم لأهل مصر بأن لا يفرضوا عليهم التشيّع، فحاربوا دين الجماعة وشيّعوا القضاء واستولوا على جوامع السنة وأذّنوا بحَيّ على خير العمل،
ثم أمر الحاكم بأمر الله بنقش سبّ الصحابة على الجدران… فحرّض العلماءُ الناسَ على الثورة عليهم، وكان من أشهرهم شيخٌ اسمُه أبو بكر النابلسي.
قال ابن الجوزي في تاريخه الكبير "المنتظم": "كانوا ينقلون عن أبي بكر النابلسي أنه قال في حق العبيديين (الفاطميين): إذا كان مع الرجل عشرة أسهم
وجب عليه أن يرمي في الروم سهماً واحداً وفي العبيديين تسعة. فقُبض عليه وأُخذ إلى الخليفة،
المعز لدين الله العبيدي، فسأله: بلغنا عنك أنك تقول كذا؟ فقال النابلسي: ما قلت هذا.
فظنّ المعز أنه رجع عن قوله وسأله عمّا قال، فقال الشيخ: أقول للرجل إذا كان معه عشرة وجب أن يرميكم بتسعة ويرمي العاشر فيكم أيضاً،
فإنكم غيّرتم الملّة وقتلتم الصالحين وادعيتم نور الإلهية! وكان المعز بطّاشاً،
فضربه بالسياط، ثم أمر بسلخه -وكانت تلك من أساليب تعذيب العبيديين الباطنيين،
سبحان الله كيف ورثها منهم أحفادهم المعاصرون!- فتولى ذلك رجل يهودي،
وكان أبو بكر يقرأ القرآن ولا يتأوّه، فداخلت اليهوديَّ رحمةٌ له فطعنه في فؤاده ليموت عاجلاً، عليه رحمة الله".
دخل الإسكندرية قادماً من المغرب، فبدأ بذلك حكم العبيديين لمصر، وقد اعتبره المصريون حكمَ احتلال لأنه كان -في حقيقته- غزواً قامت به دولة أجنبية شيعية إسماعيلية
لمصر السنّية التي كان يحكمها الإخشيديون التابعون اسمياً للخلافة العباسية في بغداد.
كان العبيديون مكروهين من عامة أهل مصر وعلمائها بسبب سيرتهم في الحكم، فقد أذلّوا العباد وأفقروا البلاد،
ونقضوا عهدهم لأهل مصر بأن لا يفرضوا عليهم التشيّع، فحاربوا دين الجماعة وشيّعوا القضاء واستولوا على جوامع السنة وأذّنوا بحَيّ على خير العمل،
ثم أمر الحاكم بأمر الله بنقش سبّ الصحابة على الجدران… فحرّض العلماءُ الناسَ على الثورة عليهم، وكان من أشهرهم شيخٌ اسمُه أبو بكر النابلسي.
قال ابن الجوزي في تاريخه الكبير "المنتظم": "كانوا ينقلون عن أبي بكر النابلسي أنه قال في حق العبيديين (الفاطميين): إذا كان مع الرجل عشرة أسهم
وجب عليه أن يرمي في الروم سهماً واحداً وفي العبيديين تسعة. فقُبض عليه وأُخذ إلى الخليفة،
المعز لدين الله العبيدي، فسأله: بلغنا عنك أنك تقول كذا؟ فقال النابلسي: ما قلت هذا.
فظنّ المعز أنه رجع عن قوله وسأله عمّا قال، فقال الشيخ: أقول للرجل إذا كان معه عشرة وجب أن يرميكم بتسعة ويرمي العاشر فيكم أيضاً،
فإنكم غيّرتم الملّة وقتلتم الصالحين وادعيتم نور الإلهية! وكان المعز بطّاشاً،
فضربه بالسياط، ثم أمر بسلخه -وكانت تلك من أساليب تعذيب العبيديين الباطنيين،
سبحان الله كيف ورثها منهم أحفادهم المعاصرون!- فتولى ذلك رجل يهودي،
وكان أبو بكر يقرأ القرآن ولا يتأوّه، فداخلت اليهوديَّ رحمةٌ له فطعنه في فؤاده ليموت عاجلاً، عليه رحمة الله".
* * *
رحم الله علماء ذلك الزمان، لقد عرفوا أنهم طليعة الأمة وأنهم القدوة لها، وعرفوا أن للعلم ضريبة لا بدّ من أدائها كاملةً غيرَ منقوصة،
وعرفوا أن الصمت في الموقف الذي يُفترَض فيه الكلام جريمة يحاسبهم عليها الله،
فآثروا أن يريحوا ضمائرهم وأن يُرضوا ربهم وجهروا بكلمة الحق جهراً جليّاً واضحاً؛
دفع العالِمُ حياته فأيقظ بموته الأمةَ وأحيى الدين.
ذلك ما فعله نابلسيّ ذلك الزمان،
مماقرات واعجبني